وأخيرا أبان أبناء وبنات تونس الخضراء عن موقفهم الرجولي ضد استبدادية النظام البليد الذي حكم تونس بيد من حديد زهاء ربع قرن خالها الشعب قرونا –لأن سنة ظلم تقاس بقرن-.
الشعب التونسي الأبي قال اليوم كلمته بكل صراحة أمام العالم بالصوت والصورة وأبان على شجاعته وصموده ضد الرصاص والقمع لأن روح الشاعر الشابي وقصيدته العالمية لم تكن في يوم من الأيام مجرد قصيدة للتغني. بل هي نابعة من صلب المواقف المعروفة عن الحضارات التي عرفتها تونس الخضراء.
بلاد *حن بعل* و*صدر بعل* لم تكن في يوم من الأيام جبانة ولا رعديدة. بل كانت متزنة تنتظر وصابرة لكن كما يقال للصبر حدود.
أبناء وبنات تونس الخضراء اليوم سجلوا للتاريخ موقفهم الرسمي بانتفاضتهم الخالدة، التي أطاحت بنظام الحكم الأحادي الاستبدادي.
كلمات سهام بنسدرين المنشورة في مجلة كلمة لم تكن في يوم من الأيام مجرد أحقاد على نظام فاسد أخر فساد، بل هي كلمة تعبيرية عن ما يخالج الصدر المكلومة في تونس الخضراء التي عرفت منذ الزمن الأغبر بالرجولة والشهامة.
الجندوبي والمرزوكي ..... رجال تونس الصامدة الذين لم ولن ينحنوا أمام جبروت الحاكم الطاغي الذي لم يستطع مواجهة مصيره القاتم الذي صنعه بيده وفر هاربا تاركا تونس الخضراء وابناءها الذين وعدهم وأخلف الوعد كما هو حال الكثير من الرؤساء والملوك العرب الحالية.
تونس اليوم ترنوا للعيش الكريم وتأسيس دولة الكرامة الإنسانية المفقودة في زمن الحكم الديكتاتوري للرئيس الهارب إلى دولة البتردولار التي لا تكن أي تقدير ولا احترام للشعوب المضطهدة في العالم العربي والإسلامي.
أرض الحرمين أصبحت مرتعا للصوص والجبابرة في الوقت الذي أبنت فيه دول الغربية المسيحية :مالطا وفرنسا عدم ترحيبها بالرئيس الخائن لقوت وكرامة الشعب.
تونس كما كانت في بالأمس البعيد تسترجع عزتها وكرامتها بالإطاحة بنظام بن علي وزبانيته التي أذاقت الشعب كل أصناف القهر والحكرة.
اليوم سيعرف أصحاب --باسطا بن علي-- قيمة الشعب التونسي وأن تضحياتهم لم تذهب أدراج الرياح. اليوم سيكون عرس تونسيا كبيرا ستحضر سهام بنسدرين وكل المناضلين الحقوقيين لأن الشعب قد أكرمهم اليوم بهذه الانتفاضة وهو بذلك يخلي ذمته عرفانا بالمجهود التي تم بذله من طرف كل الفعاليات المدنية للمجتمع المدني التي نشرت الحقيقة والتي دفعت بالشعب التونسي بأخذ المبادرة للمطالبة بحقوقه المهضومة والمسلوبة من طرف عصابة بن علي ومن معه آل الطرابلسي وكل من والاهم.
تونس اليوم تعطي مثالا واضحا على إرادة الشعوب لتكون اليوم في طليعة الدول العربية والإسلامية بموقفها الرجولي وربما تكون بداية لباقي الشعوب العربية المغلوبة على أمرها والتي تخضع للأنظمة الفاسدة المتحكمة في قوتها وكرامتها.
فقط الشعار الذي تم رفعه من أبناء وبنات تونس –الخبز والماء وبن علي لا— يبقى خير دليل قاطع على رفض الشعب التونسي لكل أشكال وأنواع الظلم، إذ عبر هذا الشعب عن استعداده لتناول الخبز والماء مشمول بالكرامة على خضوعه لحكم يمكن أن يضيفه بعض الفتات من اللحوم والخضر بدون كرامة.
الحياة الكريمة لتونس وتحية لكل أبناءها وبناتها الشرفاء الراغبين في العيش الكريم والحياة الكريمة.
وستبقى حمام سوسة ستتذكر خيانة هذا الابن العاق لها ولبلده تونس الخضراء الغالية على نفوس أبناءها البررة، واليوم سيرفع أبناء هذه المدينة رؤوسهم عاليا بعد التخلص من هذا الطاغية الذي ولد بينهم، وأذل مدينتهم بانتمائه إليها.
ليكن هذا اليوم يوما مشهودا إلى كل الصحفيين التونسيين الذي ظلوا يطبلون وينفخون ويلمعون في نظام الطاغية. واليوم فمن الواجب عليهم الاعتراف أمام أبناء موطنهم بالحقيقة ويقروا بذنبهم ومشاركتهم في الجريمة المقترفة من طرفهم لتكن عبرة، وتحية للصحفية سهام بنسدرين على مقالتها المخصصة لأبناء تونس الذين ولدوا وفتحوا عيونهم على هذا الطاغية ولم يتذوقوا طعم الحرية والكرامة فهذا يومهم وهذا عرسهم الحقيقي وليسقط كل الطغاة في الدول العربية والدول النامية إلى الأبد.
إنها رياح التغيير قد بدأت من تونس الخضراء تونس الخير والنماء، ولتنتظر باقي الشعوب موعد بوعزيزيهم الذي سيطفح الكيل.
وعزائنا إلى كل شهداء الانتفاضة المباركة في تونس الخضراء.