أثار تراجع مستوى نتائج المنتخب السعودي الأول لكرة القدم في الفترة الأخيرة وغيابه عن بطولة كأس العالم 2010 الأخيرة التي أقيمت بجنوب أفريقيا، تساؤلات العديد من خبراء اللعبة في الدول العربية بصفة عامة، والسعودية بصفة خاصة ، لاسيما وأن منتخب " الأخضر" كان ضيفا على بطولات كأس العالم منذ عام 1994 بأمريكا، وشارك في أربعة بطولات متتالية.
وتراجع مستوى النتائج في المنتخب السعودي لم يتوقف عند غيابه عن مونديال جنوب أفريقيا فقط، بل إن "الأخضر" لم يفز بالبطولات الخليجية والأسيوية في الفترة الأخيرة، وهو ما يؤكد أن هناك شيئا ما خطأ حدث في أسلوب عمل المنتخب، الأمر الذي أثار اهتمام المسؤولين في الاتحاد السعودي لكرة القدم.
واعترف المتحدث الإعلامي وعضو الاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد دياب، بتراجع مستوى المنتخب السعودي، وأكد أن النتائج في الفترة الأخيرة لم تكن على المستوى الذي تتوقعه دائما الجماهير السعودية، وأن هناك خطأ واضح في المنتخب.
وقال دياب لـCNN بالعربية، إن المنتخب السعودي لم ينجح في الوصول لنهائيات كأس العالم الأخيرة، بعد مشاركته في أربعة دورات متتالية (1994 بأمريكا، ثم 1998 بفرنسا و2002 بكوريا واليابان و2006 بألمانيا،) وهي الفترة البراقة في مستوى الكرة السعودية، والعصر الذهبي للعبة على مستوى المنتخب الأول، وهو ما يشير إلى أن هناك أخطاء ارتكبت في الفترات الأخيرة.
ولم ينكر المدير الفني السابق للمنتخب السعودي ناصر الجوهر، تراجع مستوى نتائج المنتخب السعودي، ولكنه قلل من حدة الأزمة، مؤكدا أن الفريق السعودي فشل في التأهل لنهائيات كأس العالم الماضية في اللحظات الأخيرة، حيث تعادل أمام المنتخب البحريني في لقاء الملحق في الدقائق الأخيرة، بعدما حقق تعادلا بهدف لهدف في العاصمة البحرينية المنامة، وكان متقدما حتى الدقيقة 96 في لقاء الرياض بهدفين لهدف، إلا أن منتخب البحرين نجح في إحراز هدف التعادل في الدقيقة 97، ليخرج الأخضر من التصفيات.
وأضاف الجوهر، أن خروج المنتخب السعودي من تصفيات كأس العالم في الدقيقة الأخيرة، يعنى أن الفريق كان منافسا حتى اللحظات الأخيرة على بطاقة التأهل لمونديال جنوب أفريقيا.
وأشار المدير الفني السابق للمنتخب السعودي، إلى أن تراجع مستوى المنتخب في الفترات الأخيرة، أمر قد يكون طبيعيا بعد أن عاش فترة طويلة من الانتصارات والبطولات والنتائج الطيبة، وهبوط المنحنى الفني للفريق راجع بالدرجة الأولى إلى عملية الإحلال والتغيير التي تشهدها صفوفه، وهو أمر طبيعي في كرة القدم.
وبحسب الجوهر، فإن الجيل الذي قاد الكرة السعودية سابقاً اعتزل اللعبة، وأضاف: "من النادر أن تجد فريقا يحافظ على مستواه لسنوات طويلة، وهناك خطط يقوم بها الاتحاد السعودي لكرة القدم لإعادة المنتخب لسابق عهده."
وعاد عضو مجلس إدارة الإتحاد السعودي لكرة القدم، والمتحدث الإعلامي أحمد دياب، ليؤكد أن الاتحاد لديه خطة واضحة المعالم لإعادة هيكلة المنتخب، بعد أن شكل فريق عمل لتطوير المنتخبات السعودية في جميع مراحلها العمرية، وتضم عددا من خبراء اللعبة على مستوى العالم، منهم الإنجليزي ريتشارد باري، الذي شكل الدوري الإنجليزي بشكله الحالي.
وأكد دياب، أن فريق العمل الموجود حاليا أوصى بضرورة الإبقاء على المدير الفني للمنتخب السعودي، خاصة وأن نتائج الفريق معه طيبة للغاية، حيث لم يتعرض "الأخضر" لأي خسارة منذ أن تولى المسؤولية قبل ما يقرب من 20 شهرا ، كما أوصى الفريق بضرورة عمل أكاديميات لكرة القدم في المملكة العربية السعودية، وأن هناك خطة لعمل هذه الأكاديميات، ليصل عددها من 40 - 50 أكاديمية خلال عامين، وهناك اتجاه لفتح باب إنشاء أكاديميات كرة القدم أهلية.
وعن مستوى المسابقات المحلية للكرة السعودية بعيدا عن مستوى المنتخب الأول، وما إذا كانت المسابقات المحلية للكرة السعودية في تراجع أثر على مستوى المنتخب، قال أحمد دياب، إن المسابقات المحلية في السعودية شهدت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة، حتى أصبح الدوري السعودي للمحترفين من أقوى الدوريات العربية وأغلاها، ووصلت قيمته حاليا إلى أكثر من 150 مليون ريال (40 مليون دولار) في الموسم ، وهو أغلى دوري في العالم العربي.
وألمح المتحدث الإعلامي للاتحاد السعودي، إلى أن عدد مشاهدي الدوري السعودي تليفزيونيا في تصاعد مستمر، وهو ما دفع الشركات الراعية للدخول كرعاة للأندية والاتحاد بمبالغ مالية كبيرة، فالشركة الراعية للدوري السعودي تدفع 300 مليون ريال لمدة خمسة سنوات، بالإضافة إلى شركة "ماستر كارد" العالمية التي دخلت مجال رعاية الكرة السعودية كأول إتحاد عربي تهتم به الشركة العالمية، كما أن الشركة الراعية للمنتخب السعودي الأول تدفع 150 مليون ريال لثلاث سنوات.
وأضاف دياب، أن نادي الهلال السعودي يحصل على 80 مليون ريال كرعاية في الموسم الواحد وهو رقم ضخم لم يدفع لأي ناد عربي، وهناك عرض على الإتحاد السعودي لكرة القدم لشراء حقوق البث التليفزيوني لدوري المحترفين يصل قيمته إلى 1.5 مليار ريال لمدة ثلاث سنوات، وهذه الأرقام تدلل على قيمة الدوري السعودي، وتؤكد أن الكرة السعودية في صعود مستمر، بصرف النظر عن تراجع مستوى المنتخب السعودي الأول مؤخرا.
وأشار عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم، إلى أن الكرة السعودية حاليا في مفترق طرق، وبعد أن تنتهي خطط الاتحاد لإعادة المنتخب للطريق الصحيح سيعود "الأخضر" لمستواه السابق وأن هذه الخطط ستنتهي بظهور المنتخب الأول في كأس العالم المقبل بالبرازيل.